بداية أود أن أقول أنني لم ارد ان اكتب هذه المقالة إلا لأن السيل قد بلغ الزبى، من تخاريف وتصانيف (بمعناها العدني لا الفصيح) الذي أوردها هذا الفصيح في كتابه السخيف المسمى "العقد الثمين في بيان خطورة أفلام الكرتون على صبيان المسلمين" والذي ذيّله بفتاوى جُهلاء لم يشاهدوا شيئاً من هذه المسلسلات الكرتونية التي سحرت الألباب وخلبت العقول وكان الواحد منّا يقطع لَعِبَهُ مع أصدقائه في الشارع ليسرع على الساعة السادسة ليشاهدها على قناة عدن (التي نتمنى عودتها بشكل أفضل وأرقى بما يتناسب مع هذه المدينة التاريخية عدن) فإذا بهذا الجاهل المحروم والشقي التعيس يسّفه هذه الأحلام بل ويطعن بطريقة تربية الآباء والأمهات لأبنائهم أو بناتهن بحجج لا أصل لها ولا فصل.
فهيا نبدأ:
(1) زعزعة العقيدة في قلوب أبنائنا:
يقول صاحب الكتاب في الصفحة 28
"عرض مسلسل كرتوني، رآه كثير من ناشئة المسلمين وهو يرمي إلى غرس عقيدة التثليت المنحرفة في قلوب أبنائنا، وهو بعنوان (الإله زيلا) - كما زعموا - ومما تضمنه: أن أسرة كانت في عرض البحر، فاعترضتها وحوش خيالية أصابتها بالرعب والهلع، فلم تلبث هذه الأسرة أن دعت الإله زيلا الذي هرع لنجدتها، فأنقذ الأسرة بعد صراع مرير مع الوحوش الخيالية.... إلخ"
- اريد ان اتسائل من أي جاء الكاتب بهذا المسلسل فقد قلّبتُ Google حتى وصلت الصفحة 20 وانا لم أجد أثرا لهذا المسلسل المزعوم الذي اخترعه خالد الجريسي الرجل الذي أخذ صاحبنا منه هذه المعلومات الطامة؟ بل انك ما إن تكتب كلمة الإله زيلا أو God Zela حتى يصحهها لك غوغل قائلاً: هل تقصد Godzilla؟ وشتّان بين الاثنان ومن يشاهد سيعرف.
(2) وفي مشهد آخر من الأفلام الكرتونية:
يقول في صفحة 29 وبعد أن يصف مسلسل "جاك وحبة البازلاء":
"... وإذا برجل قبيح المنظر.... كثّ اللحية.... نائم... الشخير يدّوي في أرجاء القصر...." إلى أن قال في ص30: "ما رأيكم بهذا المشهد، الطفل أحبتي غرس في نفسه أن الله سبحانه وتعالى في السماء وفي هذا المشهد يصوّر الراسم رجلا في السماء أفلا يتبادر لدى عقل الطفل الساذج البريء أن هذه الصفات هي صفات الله؟ لماذا يجعل ذو لحية... تلك العلامة تعتبر من شعائر الدين لدى المسلمين؟
- اولا: أريد أن اطمئن شيخنا "الفاضل" أنه لو كان عقل الأطفال بهذه السذاجة لكانت داعش أولى بتغييب عقولهم، فعلى الأقل داعش هي نسخة من دينكم وبهذا سيقتنع الطفل أن حزّ الرؤوس وسحق الجماجم هو من تعاليم دينكم.
ثانياً: الطفل يعلم أن الله موجود بالسماء، ولكن العلم الذي استطاع فعلا الذهاب إلى ما فوق السماء لم يجد الله فوقها، فاخبرني يا شيخنا من وقتها أضر بالنسبة لعقل الطفل أن تقنعه بالعلم والمعرفة بأن الله موجود بدون تحديد للمكان ام تقول له الله بالسماء وحينما يكبر ويتعلم يكتشف مقدار تدليسك عليه.
ثالثاً: من قال لك ان اللحية هي ختم تعرفة خاص بالمسلمين؟ أوليس للباوباوات لحى وللهندوس لحى وللحاخامات لحى وللملحدين لحى؟ ام ان حب الامتلاك والدونيّة للغير التي فُطِر المسلمون عليها
نتيجة دينهم جعلتهم يعيشون في وهم "حب التملك".
(3) الرسوم المتحركة وعبادة الأصنام:
ومن الصفحة الثلاثون يقول: ".... وقد ظهر في أحد عروضها صنم من الحجارة وقف الناس أمامه بذلة وخضوع يتوسلون إليه ويدعونه عند الكوارث والمصائب..... إلخ"
- عزيزي الشيخ ماذا سيقول الطفل الغربي حينما سيراك تسجد أمام الكعبة (وهي حجر) أو تنافس حتى تنال شرف تقبيل الحجر الأسود (وهو بالأساس حجر نيزكي)؟ فتدبّر!!
(4) الرسوم المتحركة وعقيدة المجوس:
وفي الصفحة 31 يقول شيخنا: ففي مغامرات سندباد في إحدى عروضها تظهر عقيدة المجوس في تقديسهم للنار وتقديمهم القرابين لها"
- واقول لشيخنا "العزيز": سندباد لم يأت من الغرب بل نحن اصلا من صدّرناه لهم عن طريق كتاب ألف ليلة وليلة التي فتنت الناس وسلبتهم عقولهم لجمال ألفاظها وفواحش أفعالها فهل تركت كل تلك الليالي ال1000 وما فيها لتنظر في أمر ليلة، فأنت إذن كذاك الذي دخل متحف للّوحات الجميلة فساءه منها أن عنوان إحدى اللوحات كُتِبَ اسم الرسّام بالحرف الصغير بدلا عن الكبير!!
(5) الرسوم المتحركة وشرك الربوبية:
ومن ص33 انتقيت ما قاله "الشيخ" فريد التُّوني: "تعمد افلام مسلسلات!! غزو الفضاء إلى إلغاء جانب الألوهية، حتى تغرس في نفوس الأبناء الإلحاد والكفر حيث تفسر الكون تفسيرا وثنيا صريحاً"
- وهنا اقول للشيخ عد إلى كهفك ولا تخرج منه ابد الدهر، فـStar War و Star Trek هما المنشأ الجديد لما وصل إليه العلم الحديث من قدرات فاقت عقلك البسيط من "تخاطر Telepathy" و "تحريك ذهني Telekinesis" أو حتى تحميل الأحلام وتسجيلها وخصوصا لمرضى الزهايمر. وبإمكان من يريد أن يعود إلى كتاب Michio Kaku الماتع Future of the Mind
(7) الرسوم المتحركة والركوع والسجود لغير الله:
ومن ص34 يقول: الانحناء للغير حتى تكون الهيئة أقرب ما تكون للسجود والركوع مثل ما يكون في برنامج "كابتن ماجد" فعند نهاية المباراة يقول أعضاء الفريقين بالانحناء لبعض كتعبير للمحبة والصفاء"
- وهنا قد بلغ السيل الزبى، فصديقنا قد جعل من الاوجيكي نصف صلاة!! وبأن تحية اليابانيين (والذين هم بأخلاقهم وعقولهم صاروا كوكبا على هذا الكوكب) فيها تشبّه بالمسلمين وصلاتهم. وبإمكانكم العودة إلى ويكيبيديا والبحث عنها أكثر هناك.
من (8-11) ص34-37: اقرأوها لأنفسكم أفضل!!
(12) الرسوم المتحركة وتحريف القدوة:
ومن نفس الصفحة - اي 37 - يقول بتصرف: "وذلك باحلال الأبطال الاسطورين كباتمان وسوبرمان وسبايدر مان مكان الأئمة الصالحين والقادة الفاتحين"
- وهنا يحق لي ان اتسائل، هل سمحت علمائنا الأفاضل بمثل هذه الأمور، أقصد مسلسلات كرتونية تجسّد واقع الصحابة أو حياة الرسول أو القادة الفاتحين دون تدليس أو إضفاء لأسلوب الخيال العلمي فيها، أو بالأصل هل سمحوا بالنزر اليسير منها، فإن كان مسلسل 99 قد كفّروا صاحبه لأنه اتخذ من أسماء الله الحسنى أسماء لشخصياته (رغم أن الكاتب لم يعرّف الأسماء وبالتالي سقطت قدسيتها) وفيلم الرسالة لم تسمح السعودية بتصويره بحجة تجسيد حمزة ولولا القذافي لما رأى الفيلم النور. وكذلك مسلسل عمر بن الخطاب الذي أقاموا الدنيا ولم يقعدوها عليه. وبالاخير يأتي متبجّحاً ويقول لم يذهبون للشخصيات الأسطورية ويتركون القادة الفاتحين، لأنهم يا عزيزي لا يريدون أن يعيشوا في واقع (قادتكم الفاتحين واائمتكم العظماء) وحينما يكبرون يرون انهم كانوا في وهم وخيال.
(12) الرسوم المتحركة وتشويه صورة المتدينين:
من نفس الصفحة أيضاً يتحدث هذه المرة عن باباي وبلوتو ويعيد سرد ما قاله بأمر اللحية وبأن كل من له لحية باعتبارها ختم المسلمين الذي به يعرفون.
- اقول للمرة الثانية من أعطاك التصريح والختم والشمع الأحمر حتى تقول ان اللحية هي خاصة بالمسلمين دون غيرهم؟ ثم أليست هي حقيقة الآن بأن أصبح كل من له لحية من المسلمين هو إرهابي، وبأن الإرهاب هو لصيق المسلمين، أم أن داعش والقاعدة وبوكو حرام ليسو مسلمين؟ أوليسو لهم لحى ام لا؟
(13) الرسوم المتحركة والنظريات والأفكار الباطلة (نظرية التطور) ويضرب مثالا لمسلسل البوكيمون:
ص38 وبتصرف يسير يقول:
"إن البرنامج يقوم على أساس أن الحيوانات المسماة بوكيمون في تطور مستمر، فتجد البوكيمون يتطوّر وحده ويصبح شكلا آخر... أو يتطور بالاتحاد مع بوكيمون آخر وينتج كائناً آخر مختلفا كليا عن البوكيمونين المتحدين... وهذه إشارة من بعيد لنظرية داروين: التي تقول إن الإنسان اول ما نشأ... نشأ قردا ثم تطوّر"
- حقيقة من بين فقرات الكتاب كله لم يصبني نموذج منها بالضحك الهستيري إلا هذه فـ:
أولاً: يبدو أن هذا الشويخ الجاهل قد طفح جهله أخيراً حتى خلط بين البوكيمون ووحوش يوغي يو والفرق بينهما كفرق الغزال عن الحمار.
ثانياً: داروين لم يقل أن الكائنات تتطوّر من اتحاد كائنين لا من قريب ولا حتى من بعيد، وهذه إحدى نتائج الجهل بكتب الغير والانغلاق على قوقعة "هذا ما قاله شيوخنا وإنا لهم لمتّبعون"
ثالثاً وأخيراً: داروين لم يذكر في كتابه اصل الأنواع أن الإنسان أصله قرد، بل قال في آخر جملة في كتابه: "إما مسألة ارتقاء الإنسان فسوف ينظر فيه!!"
وخاتمة:
لم أكن أريد أن أكتب هذا إلا لأن أمثال هذه الغُرير موجودين في كل مكان والعجيب أن تنشر مثل هذه الكتب ولا يتم التحقيق والتدقيق والتمحيص عن محتواها السخيف وأن تُسرف الأوراق على مالا طائل منه إلا التزّمت والاستخفاف. ولم لأكتب ما كتبت إلا لأن هذا الشويخ قد طالت يده شيء هو من أقدس الأشياء عندي وهو المسلسلات الكرتونية التي كنا كاطفال نتابعها للتسلية وللترفيه عن أنفسنا من نكد الدراسة، كنا نراها فسحة في رياحين الجنان وعبق أزهارها، ولم يصل تفكير أحدنا لهذا المستوى إلا على يدكم أنتم يا كارهي الحياة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق