الثلاثاء، 23 يونيو 2015

مــــــــــــــــــاذا بعدَ المُناظـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرة


السوادُ الأعظمُ من الناسِ كانوا يتشوّقونَ لمعرفة ما الذي سيجري في المناظرة، هل سيُخرِس إسلام الأزهري أم سينتصرُ الجفري  على البحيري، ولكنني كُنت أفكر بما بعد المناظرة، ما الذي سيحدثُ بعدها، وهل مشروع "التنوير" الذي جدّدهُ البحيري سيُؤتي أُكُله أم سيذهب في غياهب النسيان كغيره من المشاريع التنويرية. ولقولِ الحقيقةِ ومما استنتجَ لي من خلال المناظرة والتي كان جُلُّ اهتمامي فيها هو البحيري والبحيري وحده، الذي كنت أسمع عنه وعن  مشروعه واقرأ عن افكاره فإذا بي أرى أننا أمام "مشروعٍ هَدْمي" لا إعماري ولا تنويري، أمام مشروعٍ يريد هدم تراثٍ – وهو للأسف الشديد جاهلٌ أشدَّ الجهل في معنى التراث – قوامه 1400 سنة لمجرد أن جزئيّةً بسيطةً منهُ لم تعجبه، "إذ التراث معنىً واسع يشتمل على كل ما تركه السابقون. المتنبي وأبو نواس تراث، ابن الهيثم وابن سينا تراث، الغزالي وابن رشدٍ تراث، الصوفيّة تراث، الائمة الاربعة وائمة أهل البيت ومن تبعهم تراث، بغدادَ والأندلسَ ودمشقَ تراث، زرياب والموسيقى المولوية تراث. وزعمُ أحدهم أنه هَدَمَ التراث أو سيهدمه ليس أكثرَ من قول جاهل لا يفقه شيئاً." كما قال يوسف زيدان. كل هؤلاء يريد إسلام وغيره من المسمون "متنورين" هدمهم وإعادة بناء التراث حسب العصر الحديث وحسب ما تقتضيه –في نظرهم -روح العصر، يريدون أن يصبحوا داعش بنسختها المتعلمنه ويصيبوا التراث في مقتل. بل ذهب به غروره وثارة ثائرته حينما قال له الأزهري أنكَ لم تأتي بجديدٍ وكلُّ أفكاركَ مسبوقٌ إليها فقال: " أنا أعرف أنه لم يسبق لأحدٍ من قبلي أن جاء بمشروعٍ تنويري!!!!!" فالأمرُ ليسَ مكابرةً بل وأيضاً استحمار عنجهي، فقد ضربَ بجمال الدين الأفغاني، وشيخ المجددين الإمام محمد عبده والمفكر الراحل نصر حامد أبو زيد، بل والداعية والمفكر الاسلامي المغضوب عليه عدنان إبراهيم ومخترع العمق في العالم العربي في الفترة الحديثة الأستاذ الدكتور يوسف زيدان – الذي سبّه إسلام قبل فترة ووصفه بأنه "راجل بتاع ستات وبيعيش حياته على الزنا"... فنِعَم التنوير – رماهم وغيرهم عرض الحائط وقال مقولة أبي العلاء المعري والتي لا تناسبه ولا يستحق أن تقال عليه "وإني وإن كـنتُ الأخـيرَ زمانهُ *** لآت بما لم تـَسْـتطعه الأوائـلُ" بل وحتى مقارنة من سبق ذكرهم (إسلام وجماعته) – من الناحية الفكرية فهذا موضوعنا – تعدٍّ عليهم فهُم (أي الأولون بالإضافة لعدنان وزيدان) طبّقوا حكمة مولانا جلال الدين الرومي "بينما قدمي ثابتة على أرضِ الشريعة دارتِ الأخرى على أثنتين وسبعين ملّة!". كان أكثر اهتمامي – بعد المناظرة – هو متابعة أتباع إسلام واقرانه، فاستبان لي أنهم مثل استاذهم (إِذا كانَ رَبُّ البَيتِ بِالدُفِّ مولِعاً *** فَشيمَةُ أَهلِ البَيتِ كُلِهِمِ الرَقصُ) لا يُعْمِلونَ العقلَ على الخبر ويظنون أنه الفارس المغوار الذي سيميطُ اللثام عن هذه "الغمة" المسماةِ تراث، وفي الحقيقة كيفَ أرجو التنوير من رجلٍ خرج من المناظرة يقول: "فشكراً للأزهر وشكراً للحاقدين ونراكم في معارك أخرى" فنحنُ إذن أمام شخصية طفليّة (وليس هو وحده بل جميع أضرابه من المعاصرين) تَنْظُرُ إلى المناظراتِ على أنها معارك تنافسية فإما لك وإما لك. فأينَ هُمُ من قول أبن المقفّع في الخليل بن أحمدٍ الفراهيدي حين ناظره "وجدتُ  عقله أكبر من علمه" بل لا استغرب أن تنقضيَ عشرة سنواتٍ على الأكثر وسينتهي أمره، عكس العظيمان فرج فودة ونجيب محفوظ اللذان كان همّهما إبراز الحقائق وقول "الصدق" بلا لفٍّ ولا دوران، بلا سبٍَ ولا شتم. فقط "الحقيقة".

قد أتفقُ مع إسلام في جزئية واحدة وهو موضوع عدم بناء النبي بعائشة وهي بنت تسع سنواتٍ وأدلّتهُ التي ساقها جيدة نوعاً ما ولكنها ليست قويّة مثلما قدّمها عدنان إبراهيم بأسلوبٍ علمي بما لا يدع مجالاً للشك في إحدى خطبه بإمكانكم العودة إليها. ولكن أختلف مع إسلام وغيره في جزئية أبن تيمية، نعم الرجل أخطأ ولديه من الفتاوى المخزية ما يُعدُّ ويحصى، ولكن أن تنتقصَ منه وتتهكمَ عليهِ بل وتصفه بـ(عدو الله ورسوله) فهذا جرمٌ فاحش وتعدًّ صارخ، وأغتنمها فرصة للاعتذار إليه عما سمّيته به قبل فترة بـ(شيخِ التُعس والضلالة) فقد كنتُ متسرعاً في حكمي عليه ولم أفهم سيكولوجية الرجل ولا الحالة التي كان يعيش فيها، فأنا –وأقولها صراحةً -لم اقرأ كتبه وأغلب من يسبه لم يقرأ له حرفاً ولم يقرأ شيئاً في علم النفس، وكما قال الحبيب علي الجفري: "لو أننا أردنا نَقْدَ ابن تيمية بسبب فتاوى القتال فما عسانا أن نفعل مع فيلسوف الفلاسفة هيجل وموقفه من أمر توحيد ألمانيا حينما ضرب بعرض الحائط كل أقواله وأخلاقه التي ظلَّ يدعو لها وقال بضرورة إراقة الدماء من اجل تحقيق الوحدة (لليمنيين ألا يذكركم هذا بشيءٍ ما).

ثم أنا والله لم أعد أفهم لم التنوير مطلوب؟! ولم وجب على أحدنا أن يتنوّرَ وأن يخلع رداءَ الدين لأجل التنوير ؟! أهو فريضة علينا إن أردنا أن نتقدمَ ونلحق بركب أوروبا أن نقول مثلهمSecularism is the Solution  أي العلمانية هي الحل؟! ومن يقول ذلك، أقول له كذبتَ. فالإسلام الذي اعتنقه (وركّز أنا اتكلم عن إسلام الله لا إسلام رجال الدين) لم يُحيّدني ويقل لي "أتركني حتى تقرأ الإنجيل والتوراة"، " أتركني حتي تقرأ لينتشه وسارتر"، "أنفضني عنكَ حتى تقرأ لدوكينز وهوكينج وداروين"، "أنتَ مخلّدٌ في النار لمجرد أن استمعتَ لبيتهوفن وباخ"، وأخيراً القرآن لم يقل لي ولم ينهاني عن الاعتراف بنظرية التطور بالانتخاب الطبيعي ولم يجعل من يؤمن بها أو حتى يعتقدها ملحدون. فلا تحمّلوا القرآن والاسلام فوق طاقته ولا يفصّلنَّ المتنورونَ الإسلام  حسبَ مقاسهم كما تفعل داعش الآن، بل نريد تجديداً في المضمون مع الالتزام بالأُسس الثابتةِ لنا وأن نقرأ التاريخ الإسلامي والعالمي ونتعلم مما فيه فنحنُ أمة مجملها لا يقرأ التاريخ ومهما تشدّقَ أغلب المثقفون بعلمهم فهُم عند علم التاريخ هباءً منثوراً، ولعل ذلك يرجع إلى ما قاله نعوم تشومسكي – المصنف عالمياً كثامن أكثر مرجعية في التاريخ يقتبس من كلامها بعد الإنجيل وشكسبير – قال: "هناك سببٌ وجيهٌ أن لا أحدَ يدرسُ التاريخ، وهو لأنه يعلّمك أكثرَ مما ينبغي."

وأخيراً من يقرأ كلامي هذا لأول مرة لن يعرف شيئاً وسيرميني بالتُهمِ الباطلات، أما من يعرفني (وكلامي هذا من أوله لآخره لهم أو له وحده) فسيجدُ كلامي نوعاً ما صادماً له، مغايراً عما أقول به دائماً، وربما هو بالنسبة لي بدايةٌ من حيث توقفتُ سابقاً فلهذا لن أعودَ لأسلوبي الانتقادي المسبوقِ حتى أستزيدَ علماً وعقلاً وأقرأ في كل شيء. وقبل أن أختم وقبل أن يأتي متفلسفٌ ويقول: "جمال قَلَبَ على التنوير والتجديد وعادَ للجمود" أقول له: "أنا ما زلت ذلك الشخص الذي يقول بالتنوير والتجديد، ذلك الشخص الذي يؤمن بالله وبالعلم ولكنّي متمسكٌ بثوابتنا وبتراثنا (صالحه مع المحاولة لتنقيح طالحه) وبتاريخنا (أسوده وأبيضه) فهو أولاً وأخِراً بصمتُنا في هذه الأرض وطابع الختم الذي سيستشهدُ به أبناؤنا على حضارتهم من بعد، ومن يتخلى عنهم وينبذهم فقد أرتضى لنفسه أن يكون كالحيوان (مع كامل احترامي للحيوان) بل ربما أدنى منه.







April.21st.2015

الأربعاء، 17 يونيو 2015

نسْيــاً منسيّا



بينما كنتُ أسيرُ هائماً على وجهي بغير هدىً، والأفكارُ والمشاعرُ قد اختلطَ حابلها بنابلها، سمعتُ صوتاً رقيقاً يناديني، فالتفتُّ يمنةً فرأيتُ عجوزاً على كرسيٍّ متحرك، فنادتني أن اجلس بجانبها ففعلتْ. وبعد برهةٍ من الشرودِ والصمت سألتني سؤالاً هدَّ أركاني وضعضعَ كياني فقالت: "أمِنْ قلبٍ مفتّتٍ مطحون، أم من واقعٍ صادمٍ مجنون؟" فالتفتُّ إليها والعَبرات تتدافعُ في مآقيها وقلتُ: "بل هما الاثنانِ يا أمــــاه!!" فَدَنَتْ برأسها وقالتْ لي بكلِّ تحنانٍ وعطف: "فما الذي لديك؟! ألا يمكن أن تخبرني به؟!" فقلتُ لها: "إنّي أخافُ الرُقباء!" وأشرتُ إلى منْ خلفنا وكانوا تسعةَ ظلالٍ لا يُرون، فقالت لي: "أما الرُقباء فلا تخفْ ولا تبتئس منهم فأنتَ لستَ جديراً برؤيتهم! وأما خبركَ فاقْصُص عليَّ علّني اساعدك وانصحك" فوافقتُ وقلتُ لها:

"أنا ادرسُ في جامعة بولونيا إحدى أعرق الجامعات في إيطاليا، وتحصيلي العلمي مرتفع ولي نصيبٌ ضخم من المال ورثّتهُ عن أبي ولعلَّ أعظمَ ميراثٍ لهُ هو مكتبة مصنوعة بأكملها من خشب (المبيجو)[1] وتضم ما بين رفوفها أكثر من مائة ألف كتاب في كل مجالات الحياة، وفي إحدى المرّات كنتُ مارّاً من إحدى المكتبات فرأيتُ فتاةً أذهلني جمالها وسلبني رشدي المعهود، بقيتُ أتأملها عن كثبٍ وهي تُساوِم البائع حول نسخة كتاب "الأمير" لنيقولا ميكافيللي وبأنها طبعةٌ بها اخطاء، وبعدَ أنِ انصرفتْ ذهبتُ إلى البائعِ استفسرُ منه عنها، فقال، هي فتاة تدرسُ في جامعة بولونيا ودائماً ما تأتي لشراء الكتب وتجادلني في خصوص بعضها، فأنبلجتْ  أساريرُ وجهي ليس لأني عرفتُ أنها تدرس في جامعتي بل وأنَّ اسمها كذلك أخّاذٌ جميل هو نور. مرّتِ الأيام وأنا استرق النظرات إليها في الجامعة وفي مخزن الكتب فقد كانت فتاةً جسورة، صعبةَ الترويض كحصان البرزوالسكي، فشاءت الأقدار، بل ربماكيوبيد نفسه وبمعيّة من هو أعلى منهُ مرتبةً قد أرادوا لقلبيَ أن يخالجهُ ذلك الشعور اللذيذ الذي أودى بحياةِ قيس بن الملوّح وافسدَ عليه حياته وأصارها جحيماً، فقد  طلبَ أحد المحاضرين تشكيل مجموعة من شخصين وكُنّا أنا وهي في إحداها ولكسر حاجز الصمت بيننا قلتُ مستفسراً "أراكِ يوميّاً تذهبين إلى المكتبة الكائنة في فيا مونتي نابوليون؟" فقالت "بلى!" وهي منهمكة في إجراء التجربة "أذهب هناك لأن الكتب جودتها أفضل من غيرها." وقفتُ لحظتها شارداً بها أرى العَرقَ يتصببُ من جبينها وكأنهُ حبّاتُ لؤلؤٍ، وطريقتها وهي تلفظ الحروف من ثغرها وكأنها قطع دُرٍّتسّاقط، أما جسُدها فتحفة صاغها الرحمان من أحلى التحف، قوامُها ممشوق، بطنها ليس بالممتلئ المشين ولا بالنحيف المُهين، نهْداها كأنهما حبّتا رمانٍ في أوجِ نضوجهما، شعرها المسترسلُ على ظهرها فأسود فاحم، الناظر إليها ليُخيّلُ إليه أنها حوراء من حور الجنان لا ينقصُها إلا الخلود. ثم....."

التفتتْ إليَّ المرأة العجوز وإذا بعينيَّ تنظران شزراً إلى الداخل فقالت لي "أيْ بنيَّ قلتُ لك أنهم لا يسمعوكَ ولا تسمعهم أنتَ في عالمٍ غير عالمهم!!" فاسترسلتُ مكملاً:

"..... استجمعتُ شجاعتي يوماً وسألتُها أن تخرج معي في موعدٍ، فوافقتْ. فخرجتُ يومها في موعدٍ هو أجملُ وألذُّ موعدٍ قد أكون حصلتُ أو سأحصلُ عليه في حياتي، زُرنا فيها الكوليسيوم ورأينا ما تبقى من آثاره التي شهِدتْ أعتى القتالات والمبارزات ثم انطلقنا إلى كاتدرائية القديس بُطرس ورأينا فيها ذروة العمارة الباروكية كيف تمخّضت في بناءٍ عريق أما من الداخل فتجدُ نفسكَ أمام مجموعة من المنحوتات البديعة كتمثال القديسة هيلانة[2]والقديس إندراوس[3] وكما شاهدنا المذبح  البابوي تعلوه مظلة النحّات العظيم  برنيني وبالتأكيد لا يمكن أن ننسى زيارةَ الكنيسة السيستينية ونتأمل ذروة أعمال نحّات العصور الوسطى وملكهم بلا منازع الهدية التي اهدتها عائلةمديتشي للبشرية مايكل أنجلو، وقد تتساءلين لماذا على عصفوري حبٍّ مثلنا أن يذهبا إلى هذه الأماكن والسبب بسيط وهو أننا ندرس الهندسة المعماريّة فكان هذا الموعد بمثابة دراسة تفصيلية عن أهم الأعمال المعمارية في إيطاليا. وفي آخر الأمر ذهبنا لمشاهدة حفل الألعاب الناريّة التي أذنت بأن الساعة قد جاوزت الثانية عشر بعد منتصف الليل، وبينما نحنُ جالسون في هيئة عصفوري حب لم استطع تمالكَ نفسي وقتها وبدأتُ بأولى حركات الحب من لمسة فقبلة فقبلاتٍ، حتى انتهى بنا الأمر إلى الحب! وما انتهينا حتى لم نُصدّق أنفسنا كيف لأكاديميين مثلنا أن يفعلا ذلك بين الأشجار كالحيوانات !! فضحكنا حتى البكاء ثم قفلنا عائدين."
   قالت المرأة العجوز: "يبدو أنني بدأتُ بتكوين ملامحَ عن نهاية هذه القصة!" فقلتُ لها: "لا أعتقد أنكِ تعلمين يا إمّاه!" فقالت: "وفوقَ كلِّ ذي علمٍ عليم...." ثم أردفت "أكمل".

أكملتُ قائلاً: "فعشتُ أحلى لحظاتِ عمري وكأنني أتنقّلُ من فردوسٍ إلى أخرى وأشربُ من رحيق الحبِّ بلا ارتواء، حتى قلتُ ذات مرةٍ لها "إنني لموقنٌ أنَّ أهل الجنة ليحسدوننا على ما نحنُ فيه من السرور والحُبور"، فقلّت محادثاتُنا عن  الأدبِ والكُتّاب واقتصرتْ على أشعارِ الرومانسيّة والحب، فكُنّا نقرأ لـ(لا مارتين) و (خليل مطران) و(إيليا ابو ماضي) وكثيراً ما كُنّا نستشهد بأبيات مليك الشعر الرومانسي العربي (نزار قباني) وكم أعجبتها قصيدة (محمود درويش) شتاءُ ريتا وأتذكرُ وقتها أنْ قالت أن ريتا هذه فتاةٌ حقيقية وليست من نسجِ الخيال وصدقتْ في ذلك، بل لا زلتُ أذكرُ تلك الليلةَ القمراء التي قضيناها تحتَ ظلال الزيزفون نقرأ قصيدة شاعر انجلترا الأشهر (وليام شكسبير) والتي سمّاها فينوس وادونيس، ونستمعُ إلى قيثارةِ الأزمان وأستاذِ الهوى الموسيقيّ ريمسكي كورسيكوف ومقطوعته الخالدة "شهرزاد" وكم تأثرنا بهما وبجمال أسلوبهما ولو شئتِ أن تعجبِ فمنْ قدرة شكسبيرعلى وصف خوالجِ النفسِ الأنثويّة ومن مهارة ريمسكي في تحويلِ الحِيَل الأنثويّة إلى ألحان!

وفي إحدى المرّات وبينما كنتُ اتجهّزُ لألتقي بها ولتناول العشاء معها، قال لي عقلي شيئاً ثم ردَّ عليه قلبي بقوله "بل هي كـ(جولييت) حُبّاً والـ(دوريان) مذاقاً" ولا أتذكرُ فعلاً ما الذي قاله عقلي فسامحيـ...."، "أخشى أن تكون نور كـ(ماجدولين) حبّاً وكالـ(مَضاضِ الأوروبيِّ) مذاقاً" هذا ما قالته العجوز، فتوقفتُ لحظةً عن الكلام واسترجعتُ ذكرياتِ تلكَ اللحظة حتى تذكرتُها ثم قلتْ "ولكن.....كيف؟!" فردّتْ بابتسامةٍ ماكرة: "ألمْ أقل لكَ، وفوقَ كلِّ ذي علمٍ عليم!؟" فصمتُّ وقلتُ لنفسي "طيب.....ليكن!!" ثم أكملتُ:
فخرجتُ من البيتِ وكُلّي أملٌ في لُقياها والحديث معها يَحْدوني حاديَ الشوق فقد فهمتُ لحظتها قولَ يزيد بن معاوية، بل رمتني من رُباها بأسهمِ، ولمّا وصلتُ إلى المطعمِ المنشود (وغالباً ما كُنّا نجتمعُ في سولو بير دوّى) وجدتُها جالسةً برفقةِ إحدى صديقاتها واسمها (سارّة) فهي تسرُّ القلبَ والعينين معاً، فما إن دخلتُ حتى...."

فقالتِ العجوز "ما بالك؟...أكمل" قلتُ "لا استطيعُ لسببينِ أوّلهم أنني قد خالجني شعورٌ مخيف حيالَ اولئك التسعة الرابضون خلفنا، فمذ جلستُ بجانبكِ وهم لم يحرّكوا قيد انملةٍ، أما السبب الآخر فلأنَّ مشاعري قد لا تسعِفُني بعد الآن!" فقالتِ العجوز بصوتٍ أموميِّ " أما التسعة فقد قلتُ لكَ مراراً لا شأنَ لك بهم، بل لا يشعرون بوجودك كونكَ لستَ أهلاً لمخاطبتهم، وأما السبب الثاني فأحكي،  وأنفعل، وقل ما تريد، "ففي المشاركة راحة وتنفيسٌ عن المكبوتِ في النفس" كما قال سيجموند فرويد".
فأكملتُ: ".....أشارت لي سارَّة بالجلوس ففعلتُ، ثم قالت لي "إنَّ نور تقولُ شيئاً فَرِيّا!" قلتُ "وما هو؟!" قالت سارة " أخبريه ما قلتِ لي ؟!" قالت نور ويا ليتها لم تقل "كلُّ ما خلا الفرقةَ الناجية المذكورةَ في نونيّة ابن القيم فهم كفرة مخلّدون في النار لمخالفتهم النهج القويم والصراط المستقيم"  
"................................................."

تمنيتُ لحظتها أن لو كنتُ أصمّاً لا اسمع، أعمى لا يبصر، أو أبكماً لا ينطق، قلت لها "كفرة؟! الفلاسفةُ كفرة؟! ما بال هذيانكِ ؟ هل سكرتي أم ماذا ؟ هل تقولين عن سقراط وارسطوطاليس وابن سينا بل هل تقولين عنابن رشدٍ ومصطفى محمود أنهم كفرة؟!!!" قالت "نعم، فالفلسفةِ إن هيَ إلا أساطيرُ الأولين، وهي مخالفةٌ لنهج الدين القويم ففيها تَعدٍّ صارخ على الذاتِ الإلهيّة" قلتُ لها "ولكنَّ الله قد خاطبَ العقل وامر الإنسان بالتفكير والعمل، وذمَّ التكاسل والدِعةَ والجهل فقال "أَفَلا تَعْقِلُونَ ؟!" "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ؟!" وقال أيضاً بعدما أمرنا بالتفكُّر في الكون "لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ." فقالت لي "من تمنطقَ فقد تزندق، ومن تزندقَ فقد كفر" قلتُ لها "بأيِّ حقٍّ كُفّروا ؟! أجعلَ الله وصايةَ الدين على أحد ؟! من الذي أعطى مفاتيح الإيمان والجِنَان بيد فلانٍ ليدخلَ فيها من يشاء ويخرجَ منها من يشاء ؟! "أهم يقسمونَ رحمةَ ربك؟!"

"وما بال أمركِ مع الشعراء" قلتُ لها، قالت "والشعراءُ يتّبعهمُ الغاوون.... ويقولونَ مالا يفعلون" قلتُ "سبحانَ من يدوم ولا يفنى مع الحِدثانِ بالأمس كنتِ تعشقينهم حتى العبادة واليومَ تسبّينهم، فالشعراء طوائف وطُرُق فهل كُلّهم داخلينَ النار يا حبيبتي، هل يصحُّ مثل هذا الكلام ؟!" قالت "لكلِّ قاعدةٍ شذوذ. كأمثال حسّانَ بن ثابتٍ وكعبٍ بن زهير" قلت "فهل علمتي عن أبيه زهير بن ابي سُلمى بسوء، أم هل وصلكِ قولٌ قبيحٌ لأبن الفارضِ (سيّد العاشقين) والمعرّي (رهين المَحْبسين) وأبو نواسَ (إمام شعراء اليمن والعرب من المحدّثين) وعُمر الخيّام (الشاعر والفيلسوف الرياضيّ) ؟!" قالت "أمّا الثاني فصوفيٌّ مارق، والثالثُ فملحدٌ جاحد، والرابعُ فسكّيرٌ ماجن وأما الأخيرُ فزنديقٌ كافر!!" فصمتُّ هُنَيْهَةً وأنا استرجع كلامها في عقلي الذي لم يعد عقلي ثم قلتُ "وما أمرُ الشيعة تُكفّرينهم ؟! وهم  يشهدون بشهادةِ الإسلام" قالت "هم خالفوا نهج الرسول وسنته ولاعنوا أبا بكرٍ وعُمر بل أجّجوا نار الفتنة بين عائشة وعلي من  قبل، ومعاوية و علي من بعدها حتى تحاربا ورُفعت المصاحف فوق الرءوس وسعوا في الأرض الفساد!!"، "ألم يكفكم أن أضحكتمُ الناس علينا تتخاصمون في أمرٍ قد أنقضى عليه 1400 سنة، أما مسألة عائشة وعليّ فما شأنكِ بل وما شأننا منها، فهل شققتِ على قلبيهما وعلمتِ خبرهما أم هل عاصرتي عهدهما؟!، فكل تاريخنا الإسلامي كذبة لا أدري حقيقةً من يصدّقها" هذا ما قلته ثم أردفتُ "أما الشيعة الذين تنتقدينهم  فهم طوائف ونِحل فلا تحمّلي قول طائفة على أخرى فليس ذلك بجيّد من حيث التحقيق العلمي، بل إنَّ حُماة دولتك المسلمة (السُنّية) في حلب هو سيف الدولة الحمداني وهو نُصيريّ، وفي مصر كان الفاطميون (الإسماعيلية) هم الذينَ درأوا عن  الإسلام هجمات القرامطة (وهم شيعة أيضاً) فسالتِ الدماء في فاجعةٍ هي الأكبر ونكبةٍ هي الأعمق في تاريخنا حينما قتل القرامطة الحُجّاج في عرفة وسرقوا أستار الكعبة والحجر الأسود طيلة 22 سنة لم تؤدَّ فيها مناسك الحج ولم يَستعِد الحجر الأسود إلا الفاطميين، بل إنهم  -أي الفاطميون – قد ربّو في كنفهم ثعلباً ماكراً ما لبث أن انقلبَ عليهم حينما اشتدَّ عوده، وهو صلاح الدين الأيوبي فنكَّل بهم بأن فرّقَ بين النساء والرجال في المضاجع وعذّبهم وحرمهم الأكل والشرب حتى هلكوا عن آخرهم!! أهذا هو العدل وحق الأسيرِ في دينك ؟! أهذا ما وصّى به الرسول الناس من بعده؟! وليكن في عِلمك فحتى لا تقولي في داخلك أنني منحازٌ إلى الفِكر الشيعي فأذهبي واقرأي تفاصيل الحرب بين الصفويين وجماعة الحشّاشين الذين اتخذوا من قلعة إلموت مقرّاً لهم، بل اقرأي تفاصيل الحرب بين العثمانيين والصفويين لتعرفي الكذبة التي خدعونا بها تحتَ مسمى "الحروب الصليبية" ولتوقني أنَّ تاريخنا الإسلامي لا يقّل دمويةً عن التاريخ المسيحي"، قالت "أنتَ لا تفقهُ ما تقول فكُلها أقوال قد تودي بك إلى المقصلة"، فارتشفتُ جرعة ماءٍ ثم قلت "بل أنتِ الذي يَهْرفُ بما لا يعرف، فعجباً أمركم، نصّبتم الخلفاء والأمراء ورفعتموهم إلى قمة الإسلام وجعلتم كلمة رجل الدين قرآناً تسيّرون به حياتكم دون إعمال العقل على الخبر، وقد صدقَ نصر حامد ابو زيد حينما قال مرة "ثقافتُنا تعبد النصوص... يكفي أن تقولَ: قال فلان ، ليتوقفَ العقل!" ثم اردفتُ "الدين شيءٌ جوهريّ، شيء يَسْكُنُ في القلب بطمأنينة لا يحتاجُ تَسلّطَ أحدٍ على أحدْ فالأخلاق هي ما تحدد هويّة الدين ومَسْلكه لا الكتب المقدسة والتابعين، ولو سألتني عن تعريفيَ للدين لقلتُ هو: "طائرٌ جناحُه الأيمن العلم وجناحه الأيسرُ الفلسفة وقلبهُ النابض التصوّف"....فليتكِ تعقلين؟!

"والصوفيّة ما بالكِ تكرهينهم أيضاً وتُكفّرينهم" قلتُ ذلك وقد هدّنيَ التعب، فقالت لي وهي ترشفُ عصيرَ التوت البرّي "لأنهم مُبدّعة أدخلوا في الدين ما ليس فيه وخالفوا رأي جمهور العلماء و....."، "أوفٍّ لكِ ولعلمائكِ" قلتُ ذلك وسَوْرةُ الغضبِ قد بلغت حدَّ الانفجار "أيُّ علماء، بل أيُّ نهجٍ هذا الذي نسيرُ عليه الآن!؟ متى كان يؤخذُ بكلامِ عالمٍ دونَ تمحيصٍ أو تدقيق ؟! أنسيتي أو ربما تناسيتِ قول الإمام مالك بن أنس: "كلُّ قولٍ مردودٌ على صاحبه إلا قولَ صاحب هذا القبر (وهو يشير إلى قبر النبي)، نحن بالفعلِ أمةٌ تَخصّصها صناعة الأصنام، كما قال الدكتور عدنان إبراهيم. ثم إنَّ التصوّفَ موجودٌ قبل أن توجد الديانات الإبراهيمية، فيكفي أن تخرجي إلى البيداء في ليلة قمراء ولتتأملي عظمة الهندسة البديعة للكون بل غوصي في أعماق البحار لتشاهدي إبداعَ الكائنات، فالتصوّف أمره قديم ولكنه مع ظهور الدياناتِ الإبراهيمية تجلّى في عدة مسمّيات فهو في اليهودية (القبالا) وعند المسيحية (الرهبنة) وفي الإسلام (تصوّف)، بل إن رسول الإسلام قبل أن تأتي بعثته كان يجلس في غار حراء يتأمل الكون والنجوم ومهندسهما، ألم يكن ذلك نوعٌ من التصوّف يا نور ؟!"، قالت "ولكن نُقِلَ لنا عنه قوله "من أحدثَ في أمرنا ما ليس منه فهو ردٌّ (أي مردود على صاحبه)"، ابتسمت حينها وقلت "ولكنه قال أيضاً "من سَنَّ في الإسلام سُنّةً حسنة فلهُ أجرها....إلخ" وقال الإمام الذهبي في سِيَره "لو أننا بَدّعنا كلَّ قولٍ أو فعلٍ في الإسلام لما بقي لنا من الإسلام شيء" ثم مالكِ ومال الصوفيّة، أليسَ قد تحمّلوا من تَبِعاتِ أهل الحسبة ما لا يطاق؟! فقتلوا الحلّاجَ والسهرورديُّ صاحبُ الإشراق، ولاموا على ابن عربيٍّ حُبّهُ للنِظام، أبنة شيخه أبي شجاعَ بن رُستمَ الأصفهاني، بل وصلَ من قبيح فعلهم تشويهَ معنى (صوفيّ ومتصوّف) حتى صارتا المرادف الإسلامي لـ(زنديق ومهرطق)، ولكي أن تقرأِ آخرَ ثلاثةِ فصولٍ من كتاب (دوّامات التدُّين) لتعرفي مقدار جهلك!!". فانفجرتْ غاضبةً وقالت "هذا فِراقُ بيني وبينك"، قلتُ وقد أحمرّت عينايَ من الغضبِ والحسرة "بل هو لكم دينكم ولي دين، بل أتمنى فعلاً أن تُعيدَالكنيسة الكاثوليكية هنا في روما طباعة كتاب مطرقة الساحرات ويُصدرُ منه بالعربية حتى تقرأي كيفَ كان مصيركِ!".

"هذا ما حَصلَ يا إمّاه وهذه هي قصتي" هذا ما قلتهُ لها فردّت عليَّ بشفقة وحنان: "يا بُنيَّ لا تجعل من امرأةٍ واحدة سبباً لتُعْسِك، ولا تجعلها سبباً لكرهكَ نساء الدنيا، فالمرأةُ هي الأصلُ وهي المنتهى، هي سرُّ الحياة في الأرض لولاها لانقرضت سُلالتكم منذُ الأزل، كانتْ إلهةً مُقدّسةً فجاءتِ اليهوديّةُ فجعلتها مُدَنَّسة، ولكَ على سبيل المثال، هيباتيا، كانتْ امرأةً يضارعُ علمها وفلسفتها علمَ الإنس والجان، وكم رأيتُها وهي تَعْزِفُ عن ألعابِ الصبيان وتقضي وقتها في حلِّ المسائلِ بالإثباتِ والبرهان، ولكنْ طبيعة البشرِ الذكورية الحقد والكرهُ والنُكْران، ينساقون كالقطعان بلا تفكير ولا نظرٍ كالعُميان، يَسوقُهم حادي السلطان بأمرٍ مُغلّفٍ بصبغةٍ دينيةٍ من كلامِ رجال الدين والكُهّان، وقولٍ لم يُنزَّل به من أمرٍ ولا سلطان، فانقلبوا عليها فصارَ ما صار وقد حكى ذلك يُوسُف زيدان، إن أردتَّ معرفةَ ما آلَ بها من قبيح المصير والهوان" ثم قالت " يا بُنيَّ أنتَ ثائرٌ مفكِّر، فلا تركُنْ للدِعَةِ والتقاعسِ والخُذلان، وحذاريَ من الافتخارِ والتكبّرُ والتغطرس والغرور فـ"ما تكبّرَ شخصٌ إلا هان، وما تواضعَ إلا كلُّ ذي شان"، قلتُ لها "ولكنَّ العُمرَ قصير والطريق طويل والحيلولةُ دون بلوغ المرام مخيفة."

قالت لي "قد قالها قَبلُكَ أناسٌ كُثُر ولكنهم قهروا واقعهم وتغاضوا عن سفهاءِ قومهم فسطّروا أسمائهم على حروف من نور، فلديك ابن رشدٍ نكّلوا به أشدَّ التنكيل واحرقوا مؤلفاته أمام عينيه واتهموه بمحاربة الإسلام فقال لهم "بل أحاربُ جاهليّتكم" فارتفع شأنه بعدَ أن أراد له حُسّادهُ الهوان، ولديك أديسون، كان في صِغره طفلاً ذا تفكيرٍ مخالف وأهواءَ مغايره، فطردوه  من الابتدائية وقالوا لأمه "خذي ابنكِ فهو طفلٌ مغفل"، فقالت لهم امه بكلماتٍ من ذهب "بل أنتم المغفلون لأنكم لم تفهموه" والآن وبفضلِ هذه الكلمات أشرقتْ دُنياكم بنورِ المصابيح وتَحوّلَ لاعنوه إلى مدينين له بالأمر الجسيم، ولأضربَ لك مِثالاً أخيراً فوقتُ عودتي قد أزِف، ستيفن هوكينغ قال عنه الأطباء أنه لن يعيش أكثر من سنتين في عام 1963، ولكن أنظر إليه الآن بعد كل تلك السنون على كرسيّه لا يتحرك ولا ينطق قَلَبَ موازين الفيزياء وصار أحد أشهر ثلاثةِ علماء في الفيزياء على مرِّ التاريخ"، قلتُ لها "على الأقل أخبريني باسمكِ حتى ادوّنهُ في قصتي؟" قالت لي بابتسامةٍ باديةٍ على وجهها "بل اسألِ الشهابَ ما قد قال!!!."

ثم انصرفتْ وأنا اتأمل هذه العبارة "بل اسألِ الشهابَ ما قد قال"، وقلتُ في باطني أيُّ شهابٍ هذا الذي سيخبرُ مثلي، بل أيُّ مخلوقٍ عُلويٍّ سيرضى بمخاطبةِ سُفليٍّ، وبينما أنا في تفكيرٍ عميق قُطِعَ بصوتٍ هامس يقول "اتبعني وأنا اخبركَ ما قال الشهاب!!" فارتعدَ باطني وحشرجتْ روحي وانقطعَ نَفَسي، فصِرتُ اسمع بصوتِ قلبي، فألفيتني أمام بيتي وفي أحضان مكتبتي فإذا بِكتابٍ قد انخرقَ غلافه ورَقَّ تجليدُه واصفرّت اوراقه يناديني، فلما لمسته صاحَ فيَّ "ألم تَعْرِف ما قد قاله الشهاب ؟! أم ترُاك نسيتَ ما قاله ؟! اقرأ لتذكُر!".

فما إن رأيتُ العنوانَ حتى أحسستُ بتوقّفِ الزمنِ من حولي وفيضانِ أنوارٍ قُدسيّةٍ على باطني فقلت بصوتٍ جَهوريٍّ "كيفَ نسيتُ شيخ الإشراق شهاب الدين السهروردي المقتول بقلعة حلبٍ سنة 587هـ، بل كيف نسيتُ رسالته التي قدّمها إلى البشريّةِ بعنوانٍ بديع هو (حفيفُ أجنحةِ جبرائيل)" فأنعقدَ لساني حينها وفاضَ عقلي وأزبدَ وأرعد وقال بلسانٍ عربيٍّ فصيح :"كُنتَ طيلة الوقتِ في حضرة العقول السماويّة العُلويّة وأنَّ مُحدِّثكَ طيلةَ الوقتِ هو من أطلقَ عليه القُدماءُ بالـ(العقلِ الفعّال في الإنسانيّة) وكنتَ تناديه  بأمي؟!!!!!! سُحقاً لكَ وتُعْساً وبُعْداً لك!!"....... فأحمرَّ وجهي خجلاً وقلتُ "يا ليَ من أحمقٍ لم يستطع التفريقَ بين مذكرٍ ومؤنث!".










Aug.4th.2014




[1] ويسمى أيضاً بالخشب الأسود الأفريقي ويعتبر أغلى انواع الخشب في العالم حيث يبلغ سعر المتر المكعب بـ25,000 دولار ويمتاز بجودته العالية وثُقله وبلونه الأسود الجذاب.
[2] هي والدة الإمبراطور الروماني قسطنطين الكبير.
[3] هو أحد رسل يسوع المسيح وهو شقيق بطرس الرسول